الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة -تحليل ومقارنة بين النموذجين المغربي والألماني

الطفل هو النواة الأولى لتقدم ونمو المجتمع شريطة توفره مند الولادة على المناخ الملائم من عناية نفسية وتربوية وتعليمية تمكنه من تقوية قدراته ؛ وإبراز طاقته للمساهمة والتفاعل داخل محيط الأسرة والمجتمع بشكل إيجابي.

في المقابل هناك فئة من الأطفال ونظرا لعدة عوامل وأسباب تحتاج الى رعاية وعناية خاصة لتتمكن هي الأخرى من قول كلمتها في المستقبل؛.بيد أن المتتبع للمشهد الاجتماعي المغربي يلاحظ وبشكل جلي النقص الكبير في التعاطي مع هذا المجال المتعلق بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛والسبب يعود الى عدة إختلالات تعيق الاهتمام والنهوض بهذا المجال أهمها :

غياب التأطير والمؤسسات المتخصصة والمؤهلة للقيام بهذا الدور.

خصاص واضح فيما يخص الوعي بمفهوم الإعاقة والتعامل معها لدى كل الجهات.

التقاعس في ايجاد الآليات والميكانيزمات المنظمة والمؤطرة لهذا القطاع.

النقص البيداغوجي والمنهجي لدى الأشخاص المعنيين وذويهم.

يلزم على الجهات المسؤولة بذل الجهد من أجل تدارك الضعف الحاصل و الانفتاح على المجتمع المدني بتوفير الدعم المادي والمعنوي عن طريق خلق شراكات تبنى على تسطير أفكار وبرامج ناجعة وهادفة تصبو الى تحقيق نتائج تستفيد منها فئة الأطفال المستهدفة ؛والأهم من ذلك هو التحلي بالإرادة القوية وروح المسؤولية لدى كل الأطراف حتى تأخد هذه الإصلاحات مسارها الصحيح. ؛ويتهيكل بشكل منظم وعقلاني كما هو الشأن في دولة ألمانيا التي أعطت للطفل في وضعية خاصة كامل الأهمية وأحاطته بعناية فائقة منذ تسعينات القرن الماضي ؛وذلك بتوفير جميع الشروط القانونية والمؤسساتية والتربوية والتكوينية والتنظيمية في هذا المجال ؛حيث تم إصدار قانون الرعاية لكل شخص في وضعية خاصة يشمل كذلك حتى ذوي هذه الفئة؛ حيث ينص القانون على تخصيص تعويض مادي سواء للاشخاص المعتنين بهم أو للمؤسسات الرعوية التي تشرف على العناية بالشخص المحتاج إلى رعاية إضافية كالتنظيف والمرافقة الصحية في التطبيب وإعطاء الدواء ؛وتشمل هذه العناية أيضا التعويض حينما يحتاج الشخص المؤسسة لتساعده في أوقات الفراغ وذلك بتقديم خدمات زائدة تمكن الشخص المحتاج الخروج من عزلته والانخراط في الأنشطة الاجتماعية دون الإحساس بالنقص؛كما أن الهدف من هذه الخدمات تحقيق المساواة والتوازنات الاجتماعية ليمر اليوم لدى كل إنسان بسلاسة وعلى حد سواء.

علاوة لما سبق ذكره يضمن هذا القانون توفير المرافقة الإستشارية في شتى المجالات وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للشخص المحتاج بمعية أقاربه وذويه والمعتنين به.

أما على المستوى التعليمي فلم يحرم القانون هذه الفئة من التمدرس بل خصص لكل شريحة مدرسة خاصة تتلائم مع الإحتياج الموجود؛ ووفر لها جميع الشروط البيداغوجية والتقنية وكذلك الشغيلة المدربة والخبيرة بالتعامل مع الشخص ونوعية إحتياجه دون إغفال الجانب التأطيري والتكوين المستمر وتتبعه لكل ما هو جديد.

يتواصل هذا الدعم المدرسي بالمتابعة التكوينية عند حصول الشخص على التمدرس الأولي والإعدادي،وذلك إلتزاما بالقوانين المنظمة وحرصا على ضمان مستقبل يتوخى تكافؤ الفرص بين الشخص السوي وذو حاجة خاصة؛ويتجسد هذا الإلتزام بتحمل الدولة المسؤولية في خلق مراكز وورشات عمل إضافة الى مرافق للتدريب ومراكز للتكوين في العديد من المهن والتخصصات والوظائف تليق وتراعي وضعية الشخص وقدراته.

وبهذه الإستراتيجية المتكاملة والمتتبعة للشخص في جميع مراحله العمرية من الولادة وإلى سن متقدمة يتمكن الشخص بواسطة الإمكانات المتاحة من المساهمة في الإنتاج وتحقيق الذات رغم الخصاص ومحدودية قدراته.

ما يمكن استخلاصه من هذه المقارنة بين النموذجين هو أخد العبرة من قيمة العمل والجدية فيه وتجنب الشعارات الفضفاضة التي لا تجدي؛حيث أن جني الثمار لا يتأثى بالإكتفاء بالتفكير في الزرع بل بتطبيق ذلك وبمواكبته بمنهجية وشروط تضمن الإنتاجية؛حيث يمكن بهذه الشروط تحقيق المردودية في إطار تضامني تكاملي تشاركي؛لكون المحصول تختلف قيمته وكميته من مكان ومن أرض لأخرى؛فكذلك الإنسان وطاقاته وإمكاناته

عبد الرحيم البوزيدي

Kommentar hinterlassen

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert